محمد بولعيش يكتب.. لليسار دَوْر
البداية تنطلق – فيما أعتقد – من فتح نقاش بين مناضلي اليسار (وليس بين تنظيماته لصعوبة أو بالأحرى استحالة ذلك في الظرف الراهن) حول الواقع العام وضمنه واقع اليسار على أساس الارتقاء بهذا التبادل إلى مستوى تحديد الغايات وإطلاق المبادرات محليا وجهويا للعمل الوحدوي القاعدي بتوفير شروط النجاح لها بالتركيز على برامج حدود دنيا ممكنة وفقا للمنهجية المميزة للمرحلي عن الاستراتيجي ووضع الأول في خدمة الثاني لا العكس ، وتأجيل النقاش الإيديولوجي للصيرورة تعالجه وتحدد مداه ، إذ لا أحد وحده – والحالة هاته – قادر على خوض غمار معركة التغيير الديمقراطي وتحقيق نتائج ناجعة في الساحة الوطنية ، فلا بد – إذن – من تضافر الجهود لتحقيق تلك الغايات ، وما لا يُدرَك كله لا يُترَك جلّه .
ولهذه الانطلاقة -فيما أرى – مداخل ، يمكن تحديد بعضها في :
1- قراءة التجارب السياسية السابقة برؤية نقدية لأخذ العبر منها وتجاوز أعطابها ، والقيام بنقد ذاتي مستلهمين ما قام به الشهيد المهدي بنبركة في “الاختيار الثوري” بكل جرأة ووضوح وصدق ، لأننا إذا ظللنا نجر الأخطاء سنعيد إنتاج الواقع لكن بصورة مشوهة .
2- الكف عن البكاء على الأطلال والحنين إلى ماض ولّى ولن يعود ، فلا الاتحاد الوطني سيعود كما كان ولا الاتحاد الاشتراكي ولا “إلى الأمام” ولا “23 مارس” ولا منظمة العمل” ولا غيرها ، إذ هاته التنظيمات والتجارب أصبحت ملكا للشعب والتاريخ ، وقراءتها ودراستها تدخل في باب المعرفة والاستفادة من دروسها ، وليس إحياؤها أو بعث الحياة فيها مجددا .
3- الوقوف عند التجارب الوحدوية أو التوحيدية وإخضاعها للدراسة والتحليل والنقد لنستفيد من إيجابياتها إن وُجِدت ، وتفادي الأخطاء التي سقطت فيها ، وهي كثيرة . وفي هذا الصدد لا بد من الوقوف عند تجارب الكتلة الوطنية والكتلة الديمقراطية واندماج الحزب الاشتراكي الديموقراطي في الاتحاد الاشتراكي وكذا عودة الحزبين العمالي والاشتراكي إليه ، وتجربة اليسار الموحد ثم الاشتراكي الموحد وتجمع اليسار الديمقراطي وفدرالية اليسار الديمقراطي لضبط أسباب توقفها أو فشلها أو ضعفها …
4- البدء – سواءبخصوص النقاش أو المبادرة – بالمستوى المحلي والانتقال بهما تدريجيا إلى الجهوي فالوطني متى وأين نضجت الشروط ، فنتفادى هكذا البناء الفوقي ، بعقد اتفاقات وتوافقات بين القيادات في بروجها العاجية ويبقى المناضلون في القواعد عبارة عن جنود (وأحيانا بيادق) يتحركون بمشيئة الربابنة والشيوخ … وهكذا نضمن لأنفسنا أن ينطلق البناء من الأسفل ، من القاعدة ، ليصل إلى الأعلى ناضجا سليما ، وبهذا تتشكل تلقائيا وميدانيا لكل مرحلة قيادتها (تنظم النقاش وتنسق بين المبادرات) محليا فجهويا ثم وطنيا تُضَخُّ فيها دماء جديدة وتفرز كفاءات ميدانية ، إذ البقاء للشباب أولا وأخيرا .
ولهذه الانطلاقة -فيما أرى – مداخل ، يمكن تحديد بعضها في :
1- قراءة التجارب السياسية السابقة برؤية نقدية لأخذ العبر منها وتجاوز أعطابها ، والقيام بنقد ذاتي مستلهمين ما قام به الشهيد المهدي بنبركة في “الاختيار الثوري” بكل جرأة ووضوح وصدق ، لأننا إذا ظللنا نجر الأخطاء سنعيد إنتاج الواقع لكن بصورة مشوهة .
2- الكف عن البكاء على الأطلال والحنين إلى ماض ولّى ولن يعود ، فلا الاتحاد الوطني سيعود كما كان ولا الاتحاد الاشتراكي ولا “إلى الأمام” ولا “23 مارس” ولا منظمة العمل” ولا غيرها ، إذ هاته التنظيمات والتجارب أصبحت ملكا للشعب والتاريخ ، وقراءتها ودراستها تدخل في باب المعرفة والاستفادة من دروسها ، وليس إحياؤها أو بعث الحياة فيها مجددا .
3- الوقوف عند التجارب الوحدوية أو التوحيدية وإخضاعها للدراسة والتحليل والنقد لنستفيد من إيجابياتها إن وُجِدت ، وتفادي الأخطاء التي سقطت فيها ، وهي كثيرة . وفي هذا الصدد لا بد من الوقوف عند تجارب الكتلة الوطنية والكتلة الديمقراطية واندماج الحزب الاشتراكي الديموقراطي في الاتحاد الاشتراكي وكذا عودة الحزبين العمالي والاشتراكي إليه ، وتجربة اليسار الموحد ثم الاشتراكي الموحد وتجمع اليسار الديمقراطي وفدرالية اليسار الديمقراطي لضبط أسباب توقفها أو فشلها أو ضعفها …
4- البدء – سواءبخصوص النقاش أو المبادرة – بالمستوى المحلي والانتقال بهما تدريجيا إلى الجهوي فالوطني متى وأين نضجت الشروط ، فنتفادى هكذا البناء الفوقي ، بعقد اتفاقات وتوافقات بين القيادات في بروجها العاجية ويبقى المناضلون في القواعد عبارة عن جنود (وأحيانا بيادق) يتحركون بمشيئة الربابنة والشيوخ … وهكذا نضمن لأنفسنا أن ينطلق البناء من الأسفل ، من القاعدة ، ليصل إلى الأعلى ناضجا سليما ، وبهذا تتشكل تلقائيا وميدانيا لكل مرحلة قيادتها (تنظم النقاش وتنسق بين المبادرات) محليا فجهويا ثم وطنيا تُضَخُّ فيها دماء جديدة وتفرز كفاءات ميدانية ، إذ البقاء للشباب أولا وأخيرا .
لا شك أن عملية “التصالح مع الذات” والانخراط في نقاش محتمل (لضرورته وملحاحيته) بين مناضلي اليسار المتعدد بالشكل الذي تحدثت عنه سابقا ، والذي أعتقد أنه الأفيد في المرحلة الراهنة ، عملية صعبة ومعقدة … صعوبة ناجمة عن عقود من التباعد والتناحر من الجامعة إلى الساحة الوطنية ، خلفت ما خلفته من حزازات وجراح علينا اليوم تجاوزها بنقد شروطها وأسبابها (بالمناسبة يتحمل المناضلون اليساريون بكل فصائلهم مسؤولية “ضياع” الاتحاد الوطني لطلبة المغرب برميه لقمة سائغة في أفواه الظلاميين بإعطاء الصدارة للاختلافات البينية الفكرية والإيديولوجية عوض التناقض الجوهري مع النظام وقوى الظلام ، ضدا على مصلحة الطلبة والجامعة ، متناسين أن أ.و.ط.م نقابة وليست حزبا ولا يمكنه أن يتحول إلى حزب) . وهذا – فيما أرى – هو جوهر المانيفيستو الذي أصدره المناضلون اليساريون مؤخرا (بيان من أجل إعادة تأسيس اليسار المتعدد) كدعوة صريحة للحوار والتبادل والنقاش بين مناضلي اليسار بكل تلاوينه ، بهدف الخروج من هذا الوضع الشاذ وهاته الأزمة التي طال أمدها وحان وقت استرجاع اليسار عافيته وعنفوانه لإيقاف التدهور والرداءة وفتح آفاق واعدة ونوافذ على غد أفضل ، وما ذاك على اليسار بعزيز ، إن توفرت الإرادة السياسية وبعد النظر والخروج من قوقعة الذات …
أما المسألة التنظيمية فهي متروكة لمرحلة لاحقة تمليها الضرورة ويفرضها تقدم النقاش وتطور الصراع مع النظام المخزني وركائزه وقوى التخلف والارتداد والظلام ، وكذا طبيعة العلاقات التي سيتم نسجها بين المناضلين ميدانيا … فقد تكون الحاجة ملحة إلى تأسيس حزب موحد أو تحالف أو حركة سياسية اجتماعية واسعة أو تجمعا أو جبهة أو … فالأشكال التنظيمة ستبقى رهينة إبداع المناضلين الممارسين أنفسهم وحاجاتهم النضالية واللوجستيكية في علاقة جدلية بين الواقع والذات ، بين الفكر والممارسة ، بين الطموح والممكن …
هاته السطور – بحلقاتها – هي محاولة متواضعة لمناقشة وضعية اليسار نقاشا مباشرا أحيانا وغير مباشر أحيانا أخرى ، وإبداء رأيي فيها باعتباري مناضلا يساريا معنيا بها … من الممكن أن يكون ما عبرت عنه صادما أحيانا (للبعض) ، مستفزا أحيانا (للبعض الآخر) ، لكن “الغاية تبرر الوسيلة” وصراحتي تتطلب جرأة وشجاعة لا أعتقد أنهما ستغادرانني يوما إذ أن “من شبّ على شيء شاب عليه” ، و”الخقيقة دائما ثورية” وإن كنت مؤمنا أشد الإيمان أن “رأيي صواب يحتمل الخطأ” كما لم أتوقف عن تكراره ولن أمل من إعادته …
أما المسألة التنظيمية فهي متروكة لمرحلة لاحقة تمليها الضرورة ويفرضها تقدم النقاش وتطور الصراع مع النظام المخزني وركائزه وقوى التخلف والارتداد والظلام ، وكذا طبيعة العلاقات التي سيتم نسجها بين المناضلين ميدانيا … فقد تكون الحاجة ملحة إلى تأسيس حزب موحد أو تحالف أو حركة سياسية اجتماعية واسعة أو تجمعا أو جبهة أو … فالأشكال التنظيمة ستبقى رهينة إبداع المناضلين الممارسين أنفسهم وحاجاتهم النضالية واللوجستيكية في علاقة جدلية بين الواقع والذات ، بين الفكر والممارسة ، بين الطموح والممكن …
هاته السطور – بحلقاتها – هي محاولة متواضعة لمناقشة وضعية اليسار نقاشا مباشرا أحيانا وغير مباشر أحيانا أخرى ، وإبداء رأيي فيها باعتباري مناضلا يساريا معنيا بها … من الممكن أن يكون ما عبرت عنه صادما أحيانا (للبعض) ، مستفزا أحيانا (للبعض الآخر) ، لكن “الغاية تبرر الوسيلة” وصراحتي تتطلب جرأة وشجاعة لا أعتقد أنهما ستغادرانني يوما إذ أن “من شبّ على شيء شاب عليه” ، و”الخقيقة دائما ثورية” وإن كنت مؤمنا أشد الإيمان أن “رأيي صواب يحتمل الخطأ” كما لم أتوقف عن تكراره ولن أمل من إعادته …