عبد الله ولد محمدي يوقع “رحلة الحج على خطى الجد” في موسم أصيلة الثقافي
شهد رواق محمد بن عيسى للفنون الجميلة بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية في أصيلة، توقيع الكاتب الصحافي الموريتاني عبد الله ولد محمدي لكتابه الجديد “رحلة الحج على خطى الجد”، وذلك ضمن فعاليات الدورة السادسة والأربعين للخريفية من موسم أصيلة الثقافي الدولي. وقد عرف الحفل حضورا لافتا لعدد من المثقفين والإعلاميين والفنانين.
في كلمته، وصف حاتم البطيوي، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، الكتاب بأنه جهد كبير في نبش الذاكرة واستعادة مخطوطات عائلية محفوظة في “النباغية”، التي مثلت مركزا ثقافيا وروحيا بارزا بموريتانيا والمغرب وإفريقيا. وأضاف أن المؤلف مزج بين ما دوّنه الجد بنفسه وما جمعه من وثائق أخرى، ليصوغ نصا يجمع بين الرواية والتحقيق الصحفي، واصفا إياه بأنه عمل “مشوق ومفاجئ، كعادة مؤلفه”.
أما الأديب المغربي أحمد المديني، فقد أبرز عمق العلاقات المغربية – الموريتانية، مؤكدا أنها لحمة تاريخية وثقافية واحدة. وأشاد بدور ولد محمدي في تعزيز هذه الصلات الإنسانية والأدبية والإعلامية، قائلا: “لقد أصبح جزءا منا، وخير سفير لموريتانيا في تقوية الروابط بين البلدين”. وأضاف أن المؤلف، المعروف كإعلامي دولي مرجعي، يمثل امتدادا لمدرسة محمد باهي في الصحافة والفكر.
المديني توقف أيضا عند الجانب الإبداعي في شخصية ولد محمدي، القاص والروائي، مبرزا أن كتابه الأخير يمزج بين أدب الرحلة والسيرة الذاتية، حيث استعاد مخطوط رحلة جده إلى الحج سنة 1889 ليعيد صياغتها بأسلوب يجمع بين السرد الأدبي والتوثيق التاريخي، في عمل غني بالبلاغة والمعلومات، يجعل القارئ كأنه يبحر في فضاء التاريخ والذاكرة والروح.
من جانبه، أكد الإعلامي المغربي عبد الإله التهاني أن المؤلف يمثل حالة إبداعية خاصة، تجمع بين الصحافة والأدب والفكر السياسي. واعتبر أن كتابه الجديد يقدم تركيبة فريدة بين التحقيق الصحفي والسرد الروائي وأدب الرحلة، مسلطا الضوء على ارتباط الكاتب بجذوره وأصوله في موريتانيا.
وفي كلمته خلال الحفل، أوضح عبد الله ولد محمدي أن العمل يستعيد وقائع رحلة العلامة الشنقيطي محمد فال بن باب العلوي إلى مصر والحجاز في أواخر القرن التاسع عشر، رحلة شاقة عبر البحر والبر مرورا بالسنغال وفرنسا ومصر وصولا إلى الحجاز، ثم العودة عبر المغرب. وأكد أن إعادة نسج هذه التجربة بعد أكثر من 130 سنة تمثل محاولة لإحياء ذاكرة روحية وتاريخية مليئة بالصعوبات والإلهام.
جاء الكتاب في 239 صفحة من القطع المتوسط، ويمزج بين الوصف الروحي والتاريخي والثقافي، مسلطا الضوء على معاناة السفر في ذلك العصر وفرحة بلوغ الأماكن المقدسة، حيث كان الحج محفوفا بالمخاطر حتى قيل إن “الذاهب مفقود والعائد مولود”.
ولد محمدي لم يكتف باستعادة مخطوط جده، بل أضفى عليه بعدا إبداعيا معاصرا، ليجمع بين السرد الأدبي والتوثيق التاريخي، في عمل يربط الماضي بالحاضر، ويكشف عمق الروابط الثقافية والروحية بين موريتانيا والعالم الإسلامي.
ويعد عبد الله ولد محمدي من أبرز الصحافيين في مجال التحقيق، عرف بخبرته الواسعة وتشربه الثقافة الموريتانية العريقة، مما مكنه من المزج بين الحس الروائي والبعد التوثيقي. وقد سبق له أن أصدر عددا من المؤلفات، منها “تومبكتو وأخواتها.. أطلال مدن الملح ومخطوطات” (2015)، “طيور النبع” (2017)، “يوميات صحفي بإفريقيا.. وجوه وانقلابات وحروب” (2017)، “المغرب وإفريقيا: رؤية ملك” (2019)، و*”شهود زمن.. صداقات في دروب الصحافة”* (2022). كما ساهم في كتب جماعية مثل “الرسائل المغربية” (2016) و*”الرسائل الخليجية”* (2021)، وترجم إلى العربية مذكرات الرئيس السنغالي السابق ماكي صال بعنوان “السنغال في القلب” سنة 2021.
بهذا الإصدار الجديد، يضيف ولد محمدي لبنة أخرى إلى مساره الإبداعي والصحافي، مؤكدا مكانته كواحد من الأسماء التي تمزج بين الذاكرة والتاريخ والإبداع الأدبي.
